كل المقالات بواسطة mehdijebrouni

لا يجوز لك أبدًا أن تظل هنا أكثر مما ينبغي؛ كن من البعد بحيث لا يكون بمستطاعهم أن يجدوك، أن يمسكوا بك ليشكِّلوك، ليُقَوْلبوك. كن بعيدًا جدًّا، كالجبال، كالهواء غير الملوث؛ كن من البعد بحيث لا يكون لك أهل، ولا علاقات، ولا أسرة، ولا وطن؛ كن من البعد بحيث لا تعرف حتى أين أنت. إياك أن تدعهم يعثرون عليك؛ إياك أن تحتك بهم احتكاكًا ألصق مما ينبغي. ابْقَ بعيدًا جدًّا حيث حتى أنت لا تقدر أن تجد نفسك.

بلاغ: انسحاب من اتحاد كتاب المغرب

أصبح اتحاد كتاب المغرب كمثل سفينة بدون شراع، وربما أن من يقودونها لا يعرفون أنَّ البحر لا يستقر على حال، وأن الأنواء قد تطوح بهذا الخشب القديم المهترِيء، الذي ما زالوا يعتبرونه صالحا للإبحار.

إيمانا بالدور التاريخي الذي تنهض به مجموعة من مكونات الحركة الثقافية والسياسية التقدمية في المغرب، بحيث كانت دوما في طليعة النضال من أجل محاربة الفساد والاستبداد، وإرساء ثقافة المحاسبة، سواء في الدولة أو المجتمع المدني، ولوضع حدّ لتمييع المشهد الثقافي؛ يرى بعض الكتاب المغاربة أن ما بات عليهم اليوم وضع منظمة ثقافية عتيدة هي “اتحاد كتاب المغرب”، من ارتهان بين يدي قلّة لا تمثل، في السياق الراهن، رأي أغلبيةالمبدعين المغاربة،مما نتج عنه تحويل لدور المنظمة الطبيعي، وعبث برصيدها التاريخي، لأجل تحقيق مكاسب شخصية ضيقة، مع مراكمة الأخطاء التسييرية والطيش، غير المسبوق، في إبداء المواقف الفاقدة للعمق وللصدى والشرعية القاعدية، كما تعتقد أن بقاءها في الاتحاد في وضعه الحالي، يعتبر تزكية منا لهذا الزّوغ، وقبولا منّها له، لهذا أعلنت انسحابها من “اتحاد كتاب المغرب”، في الوقت الراهن، وإلى أن تتوفر شروط إحداث التغيير المطلوب، وهو انسحاب لا يعني بأي حال من الأحوال استقالة من الفعل الثقافي، إنما هو سعي نحو خلق أفق ثقافي وفكري أرحب.

التوقيعات :
عبد الفتاح الحجُمري
شعيب حليفي
شرف الدين ماجدولين
محمود عبد الغني
نورالدين صدوق
صلاح بوسريف
محمد بودويك
محمد بوخزار
خالد بلقاسم
عبد الدين حمروش
مراد القادري
عبد اللطيف البازي
عبد اللطيف محفوظ
إكرام عبدي
شفيق الزكاري

أكادير: الجلسة الأدبية الثانية للصالون الأدبي “سانتاكروز”

santa cruz

نظم الصالون الأدبي سانتاكروز جلسة أدبية ثانية إحتفاء بالتجربة القصصية للمبدعة لطيفة باقا بمدينة أكادير، وذلك ترسيخاً لرهان صالون سانتاكروز في خلق إسهام نوعي في الإمتداد الثقافي والإنساني للكائن الجنوبي، الذي آمن منذُ قرون أن الثقافة عمق إنساني و مدخل وحيد لإدراك الذات و الانفتاح على الآخر، نحو مُثاقفة إيجابية.

الصالون الأدبي سانتاكروز هو موقف جمالي يُحاول بمسؤولية و رغبة جادة وخلاقة في تصويب الرؤى الشبابية للإنخراط في الفعل الثقافي والأدبي لترميم هذا الشرخ في المشهد الثقافي الوطني عموماً و المحلي خصوصاً.

وهو مساحة مُشتركة و نوعية في بلورة أسئلة أدبية و فكرية و هوياتية عن الأنـا و الآخر، وفضاء يُموقع الثقافة في موقعها الإعتباري و التشيدي لإنسان يُؤمن بالتعدد والاختلاف و الحوار كأفق إنساني. هذا النَفس الثقافي الجديد ــ سانتاكروز ــ هو سُؤال شبابي جنوبي لـ”نموذجية” المركز حول مدى إعتباره لأدب الهامش إستثنائيةً زمنيةً ووجودية تمارس التناقض مع قوة المركز. وتخلق وعياً بالإختلاف والتعدد واللامألوف واللاجاهز.

هذا الموقع الإحتجاجي ــ الهامش ــ يجعلنا نحتفي بتجارب أدبية تمخضت أسئلتها وهويتها النصية من داخل هذه الهوية اللامتحددة. لطيفة باقا القاصة المغربية الحاصلة على جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب صنف القصة سنة 1992. يُحتفى بمنجزها الأخير ” غرفة فيرجينيا ووالف ” في النسخة الثانية من صالون سانتاكروز. هذه القاصة التي اختارت الهامش رؤيةً للعالم وأفقاً خصباً للكتابة يجعل محكيها يُحاول ــ وينجحُ ــ في أن يكون كل الأصوات والحيوات، ويتقن التموقع الإبستيمي في منطقة محايدة لتشكل فعلها المقاوم الإحتجاجي، بين الخطابات النِسائية المحمومة المعبئة جيوبها بالحجارة من جهة وبين البُنى المجتمعاتية الذكورية الكليانية التي لا تعترفُ بالجرح النسائي خارج حدود جسدها من جهة أخرى.

منجز القاصة يؤكد في كل ملفوظه النصيّ إنتماءها للهامش الخلاقّ دائماً عبر منحها صوتاً قلقاُ للكائنات الهامشية التي لم تحظى بحظوة الضوء، وهذا من خلال ــ مثلاً ــ توظيفها للدارجة المغربية كوعي لساني يدشن مستوىً آخر من الإستعاري الحياتي.

كتابة باقا لم تتورط في السموق الرمزي الفج في الحديث عن قلق الهامش، ولم تعبئ لامقول النص بهواجس هذا المنفلت الهوياتي ــ الهامش ــ بل أعلنتها بكل جرأة عبر اختراقها للخرائط السرية للكائنات والأمكنة والحيوات الهامشية.

هذا الإشتغال الأدبي يتقاطع مع رؤية الصالون الشبابي سانتاكروز وجعلنا نؤمن بقوة هذا الصوت النسائي القصصي، فاحتفى بها في لقاء أدبي خلق مساحة لأصوات شبابية صاعدة على مستوى الشعر و القصة و كذا الموسيقى. وسجل الصالون نجاحا إستثنائياً بحضورٍ وازن من طلبة ومبدعين و شعراء شاركوا في مسابقة أمير الشعراء ومثلوا القصيدة المغربية، و أساتذة وباحثين وأكاديميين ومهتمين بالحقل الثقافي المحلي والوطني.

النشاط وازن بين الأدبي و الفكري حيث بُرمج نقاش موازٍ حول الكتابة النسائية مع دردشة مع ضيفة الصالون لطيفة باقا، وتجدر الإشارة أن الصالون سانتاكروز خلق مُسحة نوعية عبر اشتراطه الدخول بكتاب يُتبرع به لفائدة الصالون على أساس التبرع به مستقبلاً لجهة معنية.

الصالون سانتاكروز نجح في دمج المواهب الشابة في عرس ثقافي ناجح بكل المقاييس ويظفر بموقع صاعد على مستوى الخريطة الثقافية الجنوبية.

السحر و التفكير السحري

إن الإنسان في التعريف المدرسي حيوان عاقل. لكن التفكير القديم للإنسان أثبت أن الشعوب البدائية كانت تتعاطى الشعوذة و السحر و سنرى أن هذا النوع من التفكير هو المظهر الأول للعقل البشري في جميع أنشطته الثقافية و العلمية و الفنية و الدينية.

لقد حكى أحد الهنود من قبيلة Hopi في مذكراته حوادث عن الطقوس السحرية التي خضع لها أبواه قبل ولادته، فقد أخبر كبير السحرة في القبيلة أمه بمولد توأمين و بما أن أمه كانت ترغب في أن تلد ولدا واحدا فقد قرر الساحر أن يجعل من الولدين بعد أن يجمعهما بعملية سحرية ولدا واحدا في بطن أمه، أخذ الساحر طحين الذرة و ألقى به أمام الباب في اتجاه مشرق الشمس ثم أخذ بعد ذلك قليلا من الصوف الأبيض و الصوف الأسود و غزل به خيطا غلف به مقبض أمي الأيسر و قد منعها من أن تنظرالى رسوم الثعابين التي تعرض في الحفلات و هكذا صرت أفعى مائية في رحم أمي و لم أرفع رأسي متجها إلى الأعلى بل صرت في الإتجاه الأسفل لكي أبحث عن مخرج ، كان أبي حريصا على أن لايؤذي أي حيوان و إلا سيعرض جسمي للإتلاف، فإذا قطع رجل أحد المخلوقات الحية مثلا فإن هذا سيسبب لي بترا ليد أو رجل.

حرص أبي كذلك أن يطعم أمي من لحم ابن عرس لكي أصير رشيق الحركة و أنزلق إلى الخارج كما يخرج هذا الحيوان الماهر من جحره.هذا المثال يبين بكل وضوح أن الساحر يحاول أن يتصرف في الطبيعة بواسطة عمليات سيكولوجية.

فهو يحاول أن يسخر الرياح و الأمطار لمصلحته و بالتالي فإن العالم مليئ ”بقوى خفية” يجب التحكم فيها للسيطرة عليها، إنه يحاول أن يسير هذه العمليات بواسطة كلمات، فالعالم مليئ بالأرواح – وهو ما يعتقده التفكير السحري – و هنا نلتقي مع المذهب الإحيائي، يقول ” فولتير ” : بأن الساحر يحاول أن يفعل ما لا تستطيع الطبيعة أن تفعله.

والواقع أن المجتمعات البدائية لا تفرق بين ما هو طبيعي و بينما هو خارق للطبيعة أي ”الفوق الطبيعي” ، إلا أن للسحر فضل كبير على العلم الحديث، فهو الذي دلنا على الفكرة القائلة بأن هناك قوى خفية و مجهولة صيرها العلم في خدمة الإنسان، هنا نكون أمام قضية غريبة هي السرية التامة التي تكتنف التعليم السحري أي المعلومات التي ينقلها الساحر إلى تلامذته، إذ لا يمكن أن يبوح بها إلا إلى هؤلاء التلاميذ، إلا أنه يمكن أن نتساءل لماذا وجد السحر باستمرار و على مر العصور فرافق الإنسانية منذ وجودها رغم الفشل الذريع الذي مني به في الميدان الذي يزعم السحرة أنهم يحصلون فيه على نتائج تطبيقية ؟

إن انتشار السحر انتشارا هائلا في جميع المجتمعات مرجعه إلى الرغبات و الأهواء التي يزعم إرضاءها. إن الإنسان يتميز بكونه ذو رغبة جامحة في ملك هذه القوى الخارقة التي تتحكم في الحياة و الموت، في الصحة و المرض، في الفقر و الغنى، في الحب و الكراهية، بعبارة أخرى يرغب الإنسان في أن يملك هذا الشيئ الخفي الذي يجعله قويا و بشعوره بالقوة يشعر بالسعادة، و من جهة أخرى فإن السحر مقبول من طرف المجتمع حيث أصبح منظما تنظيما اجتماعيا ثم إن انتشار السحر و طقوسه و شهرة المتعاطين له كانا هما السببان الرئيسان في حمايته رغم الفشل الذريع الذي مني به على مر العصور.

إذا ما اعتبرنا السحر من زاوية العلم الحديث فإن التفكير السحري لا يكون في نهاية الأمر إلا حلما أو عملية فكرية خيالية . فرغم إدراك الساحر لقانون ”العلية” فإنه يجهل تمام الجهل القوانين المتعلقة بالمادة.

مرثية ثاناتوس

على سطح الكون
يقد الفاشي القميص
المضمخ بجرائم الأولين
تصرخ المدينة ملئ الحناجر
هم أكلوا رغيف الكنائس
شربوا دموع أطفالنا
و خروا للهيكل ساجدين
إله جديد
يرسم عهدا آخر للكائنات
يشيدنا من طين المنفى البعيد
هات حزنك المؤجل أيها الكون
هات موسيقاك
خراب يهشم وجهك
يلقيك في بحر قصي
و يقيم الولائم
من يحمل موتنا إلى القارعة الأخيرة ?
ثاناتوس
يربت على أكتافنا الحقيرة
يراقب أجسادنا الصغيرة
و يجلس على عرش من ماء
نعيش الرمق الأخير من الأرض
نشرب النبيذ ونضحك قبل النهاية بقليل
ثاناتوس
يهبط إلى أشياءنا
يصعد من أشياءنا
يعود من عرينا مشبعا بأشياءنا
ليل فينا تموز
و ضاعت منا القصائد
دماء في دماءنا
تنثر الملح في دماءنا
و لحمنا عشاء القبيلة
هدمنا وبنينا
بنينا و هدمنا من جديد
فاساقطت فوق رؤوسنا
حروف كالحديد
حنانيك يا ثاناتوس حنانيك
لا
لا تذهب
لا تقتل الجميع بالجميع
انتشلنا من الهنا
إلى حلم الهناك
حنانيك يا ثاناتوس
حنانيك
ياللدماء
يد الفاشي تنزف
خيوطا من الوجع القديم
يد الفاشي تنزف
دماءا تلو الدماء
دم على جامور الأقصى
دم يجتاحني
دم ينز من جسمي و يرحل
دم يقطر من القوافي
ويسيل على جسد القصيدة
دم على راية المدينة
لا قافية بعد الآن و لا قصيدة
فهيا , هيا نسافر إلى ما قبل الدماء و اللغة

حركة 100 ألف شاعر من أجل التغيير

من تكون حركة 100 ألف شاعر من أجل التغيير؟
for change
100 ألف شاعر من أجل التغيير تظاهرة عالمية تركز على جميع أنواع الفنون و الإبداع , خاصة الشعر والموسيقى و المسرح والتصوير. وقد تأسست هذه التظاهرة عام 2011 على يد الشاعر الأمريكي مايكل روتنبرغ ومساعدته تيري كاريون بمدينة سانتا روزا بولاية كاليفورنيا. وتركز هذه التظاهرة بالأساس على تنظيم نشاط ثقافي في جميع أنحاء العالم كل شهر شتنبر. يتطوع منظمي هذا النشاط الثقافي لاستضافة هذا الحدث في مدنهم أو في المدارس و المقاهي في نفس اليوم وذلك بدعوة شعراء كبار أو شباب ، معروفين أومجهولين يجمعهم الحب والمرح والحزن وحافز التغيير. يمكن لمنسق التظاهرة أن ينظم ملتقى ضخماً ،أو يجتمع بصديقين فقط لقراءة نصوص وفتح باب النقاش و تبادل الأراء و الأفكار. وقد عبرت جامعة ستانفورد عن اهتمامها بهذا النشاط وذلك باقتراحها حفظ جميع الوثائق والتسجيلات السمعية والبصرية لهذا النشاط ونشرها على موقعها على شبكة الإنترنت.

في السنة الماضية تم تنظيم 700 نشاط في 550 مدينة في 95 بلدا في نفس اليوم ووصفت التظاهرة بأنها أكبر حدث في تاريخ الشعر و من المنتظر أن يتم تنظيم 500 نشاط في 100بلد هذه السنة. ويركز “التغيير” الذي تدعو إليه حركة ” 100 ألف شاعر من أجل التغيير” على فهم ايجابي للتغيير الاجتماعي على نطاق واسع و يتم تحديد موضوع التظاهرة بناء على الانشغالات والتطلعات الراهنة.

هذا، و يعمل جميع منسقي التظاهرة على المستوى العالمي في اتصال وتواصل مستمر وذلك باقتراح أفكار و طرق تساعد على تنظيم الأنشطة في مدنهم ونشر خبر تنظيم النشاط على نطاق واسع حتى تعم الفائدة. و يتخذ التنسيق بين منظمي النشاط بعدا كونيا حيث يتم تبادل الخبرات و التجارب فيما يتعلق بالجانب الفني فيما يتعلق بإعداد الملصقات وكتابة البيانات و استدعاء المشاركين والمشاركات وتوعية المواطنين بأهمية تشجيع مثل هذه الأنشطة وذلك عبر موقع تظاهرة مائة ألف شاعر من أجل التغيير و عبر صفحتها على الفايسبوك حيث يمكن للمنظمين أن يتصلوا مباشرة بمؤسس التظاهرة مايكل روثبرغ في أي وقت شاءوا. كما يتم كذلك ربط اتصال مباشر بقاعدة البيانات التي تحفظ تسجيلات النشاط من صور و فيديوهات و ملصقات على الانترنيت.

من يكون مايكل روثنبرغ ؟
rothenberg

مايكل روتنبرغ Michael Rothenberg هو شاعر، وكاتب أغانٍ، ورئيس تحرير مجلة بيغ بريدج وناشرها على الإنترنت، والشريك المؤسس لحركة الشعر العالمي المعروفة بـ “100 ألف شاعر من أجل التغيير”. نشرت قصائده على نطاق واسع في مجلات أدبية عديدة من بينها: اكسكويزيت كوربس، مجلة كولدن هاندكفس، جاكيت، مجلة براغ الأدبية,، تراي سايكلو وزيزيفا. له دواوين شعرية عديدة من بينها “الرجل / المرأة” الذي ألفه بتعاون مع جوان كايغر (منشورات فش درم)،” رؤية متأنية” (لا ألاميدا/ منشورات جامعة نيو مكسيكو)، “اِخْتر” (منشورات بيغ بريدج)، “شبابي بصفته قطارا” (منشورات فوت هيلز)، “حبس لأجل غير مسمى: قصة كلب” (مطبعة اكستسس، 2013) والذي سيصدر في طبعة عربية إنجليزية تنشرها الكتب خان بالقاهرة. ويتضمن عمل مايكل كمحرر قام بجمع ومراجعة قصائد مختارة للشاعر الأمريكي ألن فيليب، جوان كايغر، إد دورن (كتب بنغوين)، وقصائد مختارة من أعمال ألن فيليب (مطبعة جامعة ويسليان).

كتب الناقد الأمريكي دايل سميث عن تجربة مايكل روتنبرغ الشعرية قائلا: “لقد ساهم مايكل روتنبرغ في صياغة مشهد الشعر الأميركي باعتباره محررا ومدافعا عن التجديد في الشعر الأمريكي. وقد تمكن القاريء الأمريكي المعاصر من خلال علاقات روتنبرغ الوطيدة مع دار نشر(بنغوين) من الاطلاع على مجلدات مختارة من الشعر الأمريكي الحديث نشرت خلال العقد الماضي، لكتاب أمريكيين لعبوا دورا حاسما في صوغ مفهوم جديد للشعرية الأمريكية خلال منتصف القرن الماضي، ومن بين هؤلاء الشعراء نجد ألن فيليب، جوان كايغر، ميلتزر ديفيد، وادوارد دورن. هذا بالإضافة الى جهود روتنبرغ مع مطبعة جامعة ويسليان التي أسفرت عن نشر أعمال شعرية رائعة وممتعة لألن فيليب، محققا بذلك رقما قياسيا في الإبداع الشعري والأداء البصري والالتزام الثقافي، وكل ذلك في مجلد ضخم وممتع يجمع قصائد شاعر عظيم.

الدين و تطور المجتمع

اختلفت الآراء حينما تطرح مشكلة العلاقة بين الدين و تطور الجتمع. فهناك من يقرر إيجابية الدين في هذا المضمار و هناك من يذهب إلى العكس. فالذين يدافعون عن الرأي الأول يؤكدون أن الدين قوة بناءة إليها يرجع الفضل في تقدم الحضارة و الإنسانية، فالفلسفة و العلوم كان أصلها الدين و في ميدان الأخلاق نجد أن الدين يحث إلى فعل الخير و تجنب الشر و إلى العمل الصالح الذي يرضاه الله و البشرية جمعاء.

أما الرأي الثاني يقول بأن شقاء الإنسان و ضياعه و تعرضه للإستغلال و تهيئته لقبوله و الرضى عنه هي ظواهر ناتجة عن الدين و العقلية الدينية، فالتفكير الديني تفكير متصلب ، يقول كارل ماركس : ”البؤس الديني هو عبارة عن البؤس الواقعي الحقيقي و الاحتجاج ضد هذا الشقاء هوفي نفس الوقت تعاسة و بؤس … الدين أفيون الشعوب ” ، الواقع أن الدين سلاح ذو حدين يمكن أن يستعمل للبناء كما يمكن أن يسعمل للهدم، يمكن أن يكون دعوة لتحرير الإنسان كما يمكن أن يكون وسيلة للسيطرة و الاستغلال، فالدين في حد ذاته لا يعوق من تطور البشرية أو ينقص من حرية الفكر ، لكن استعمال الدين لخدمة غرض من الأغراض بدافع هذا العامل أو ذاك هو الذي يجعل من الدين أداة للتخدير و عنصرا هاما من عناصر الجمود الفكري و هذا ما لاحظناه بالضبط إبان انحطاط الفكر الديني سواء في المسيحية أو في الإسلام، حيث وقف هذا الأخير ضد الفلسفة و العلم و أحرقت كتب المعتزلة و كتب الفلاسفة، أما في العالم المسيحي فقد أحدثت في القرن السابع عشر محاكم التفتيش و الاضطهاد و خلاصة القول أنه يمكن أن ننظر الى الدين كإيديولوجيا و هاته الإيديولوجيا يمكن أن تخدم قضية تحرير الإنسان كما يمكن أن تكون وسيلة للإستغلال الإنسان و تظليله.