أرضية نظرية للصالون الأدبي سانتا كروز بأكادير


تجربة الصالون الأدبي تقدم إسهاماً نوعياً في الإمتداد الثقافي والإنساني للكائن الجنوبي، الذي آمن منذُ قرون أن الثقافة عمق إنساني و مدخل وحيد لإدراك الذات و الإنفتاح على الآخر، نحو مُثاقفة إيجابية. الصالون الأدبي سانتاكروز هو موقف جمالي يُحاول بمسؤولية و رغبة جادة وخلاقة في تصويب الرؤى الشبابية للإنخراط في الفعل الثقافي و الأدبي لترميم هذا الشرخ في المشهد الثقافي الوطني عموماً و المحلي خصوصاً.
الصالون هو مساحة مُشتركة و نوعية في بلورة أسئلة أدبية و فكرية و هوياتية عن الأنـا و الآخر، وفضاء يُموقع الثقافة في موقعها الإعتباري و التشيدي لإنسان يُؤمن بالتعدد والاختلاف و الحوار كأفق إنساني. تجربة الصالون هي سُؤال شبابي جنوبي لـ”نموذجية” المركز حول مدى إعتباره لأدب الهامش إستثنائيةً زمنيةً ووجودية تمارس التناقض مع قوة المركز. وتخلق وعياً بالإختلاف والتعدد واللامألوف واللاجاهز.
فعلنا الثقافي هو أدب شبابي يُمخض الأسئلة ويحتفي بالمواهب الشابة المُغيبة في رقع الضوء، تعيد انتمائها للهُنا و الآن. كتأمل إحتجاجي من موقع مُهمش يدشن أفاقاً تليقُ بتطلعات الكائن الجنوبي و موقعه في الصيرورة الثقافية الإنسانية.
هذه التجربة الشبابية ستحتفي ـــ كما احتفت ـــ بتجارب شبابية حاولت شعرنة اليومي، و تفكيك تفاصيلها اليومية في تأملات و أسئلة مسكونة بالألم حيناً و بالحبّ و السلام حيناً آخـر. الصالون الأدبي يُعمق إدراكه لفعل الكتابة و الثقافة من إمكانيات جد متواضعة تعتقد ــ عقيدةً ــ أن الكتابة و الأدب كفاح خلاق و جمالي لترميم هذا العالم الموبوء بالنمطي والرداءة و العنصريات و الرؤى الحدية للآخر وللعالم. هذه الإمكانيات المحتشمة تدافع عن الإستقلالية في الفعل و الحرية في الكتابة و دَمقرطة مواقع الضوء كشروط موضوعية حتمية لخلق إقلاع ثقافي و ولادة إنسان يؤمن بالثقافة و التعدد والإختلاف و التحرر.
موقعنا إذن في الخريطة الثقافية و الأدبية المحلية هو رفض الكليات وإنتاج تحرر فعلي من قطبية المرغوب والمؤطر والتاريخي الرسمي ومن كل ما هو مؤسساتي، ويتحدى أي إرادة في التحديد والنمذجة. هكذا يتقاطع في نطاق موقعنا البعد الأنطولوجي والفلسفي والأدبي والثقافي.
وفي هذا السياق إرتأينا الإنخراط كلية في هذه الهوية اللامتحددة والمنفتحة على تعدد لا نهائي للأشكال، وجدلية لا تتوقف عن تشكيل ملامح الوعي بالإختلاف، عبر التفاعل مع حركية الفعل الثقافي على مستوى مدينة أكادير بتداخل أسئلته وإشكالاته وطموحاته وكائنه وممكنه. من خلال برمجة سلسلة من اللقاءات الأدبية والثقافية تروم الخروج من محدودية المألوف والفعل العام، وتضخ دماء جديدة بالمشهد الثقافي وتنفتح بشكل لامشروط على النَفَس الإبداعي الشبابي، وخلق فضاءات لتلاقح التجارب الإبداعية ومواكبة الفعل الإبداعي الشبابي الرصين والمسؤول الذي يليق بحجم الطموحات والأسئلة للكائن الجنوبي.