المكتوب : الحب الأزرق

آآآآه يا صديقي،
هل أتأوه الآن أم أبكي أم أتنهد؟ هل تتصور كيف تخرج تلك الآه؟ كيف أجلس وأحشر رأسي بين ركبتي وأضغط عليه بقوة؟ هل تشعر بالقوة التي أضغط بها؟ هل تعلم أن حشر الرأس بين الركبتين أمر صعب جدا؟ أنا أفعلها. لأن ما يدفعني للأمر شيء صعب أيضا. شيء يجعلني أذرف النار غارقة في الملح، أضغط على رأسي بقوة عل الألم يخرج مع كل ما أذرفه. اليوم أنا عاجزة وأكتشف أن لا شيء وفي. لا شيء باق معك. لا الصوت ولا الصمت، لا اللغة ولا اللون. أكررها مجددا ببطء، لا شيء. في موقف كالذي حدث معك، كل شيء أشاح بوجهه بعيدا وتركني أرتعش وحيدة وعارية. ذلك المساء تخلى عني كل شيء، حتى كأس القهوة لم تساعدني في إلهاء الوقت لأفكر قليلا كيف أرد. و أنت أمامي تقول أنك تحبني، تنظر إلى رأسي المنحني وتنتظر، كلما حاولتُ أن أنطق لأوضح لك، يغرق كل شيء. كان من غير اللائق أن أحمل هاتفي تلك اللحظة، لكنني حملتُه لأكتب ما فشلتُ في قوله، لكن اللغة التي سحبتُ نحوي أيضا، أتتني جوفاء، فارغة. لا أستطيع أن أصدق أن قلبي المذبوح، تحول إلى سكين يجرح قلبا فضيا، اختارني له ماسة زرقاء. لا أستطيع أن أصدق أن قلبي الطافح بالحب، لا يستطيع أن يحبك أو يحب أي أحد آخر. أشعر بضرورة الاعتذار من أي شخص قلت له “أحبك” لم تكن صادقة أبدا.. كانت شيئا لحظيا لم أخسر شيئا في قوله. لم أتوقع أن تنقلب الأمور معي بهذا الشكل. لم أتصور أن يأتي يوم أجلس فيه جلسة اللقاء الأخضر القديم، لكن بشكل معكوس. حين كنت العاشقة المجروحة، كيف أتحول إلى معشوقة جارحة؟ إنني أتألم بشدة. إنني أتأوه وأبكي و أتنهد وأضغط على رأسي بقوة.
آآآآآه يا صديقي،
لماذا أحببت أزرقي؟ لماذا فكرت أن تهديني ديوانا شعريا لسركون بولص؟ لماذا أنت من مواليد برج الأسد؟ لم أنت متصوف في الحب؟ لم قلتَ أنك انفصامي؟ أتعلم أنني أيضا انفصامية جدا؟ تأكدت من ذلك حين سألتني عن اسم الحب الذي اخترتُ أن أحمله بقلبي بدل أن أجن، لأن صاحبه بعيد. أخبرتك عنه معلومة واحدة فقط، فذكرت اسمه بسرعة وثقة غير متوقعة. كان صوتك زلزالا ارتج له قلبي. حركتُ كأس القهوة من مكانه لأفكر قليلا، انفصمت عن نفسي بسرعة البرق كي لا أنهمر أمامك. أنكرتُ بنظرة واثقة، شعرتُ بك تتلصص على عيني اللتان لا تكذبان، جعلتهما حينها يقولان ما أريد، نفيتُ اسم من ذكرت تماما وأقنعتُك أنك على خطأ. سألتك بفضول ماكر وبارد، لم اعتقدتَ أنه هو؟ استغربت من ردك عن الحرارة البادية بيننا، تدلت ملامحي نحو الخارج مستغربة أكثر، سألتك عن أية حرارة تتحدث؟ استدركت حينها أنك قصدت حرارة حديثي عن آخر اصداراته. سأخبرك الآن بأنك كنت على صواب. إنه هو، من اخترتُ أن أحبه إلى ما لانهاية، دون أن أنتظر منه أي شيء، يكفيني أن أتوهم أنه يحبني، سأخبرك بسر يا صديقي.. لا أدري لماذا أؤمن أنه يحبني أيضا، يحبني كما أحبه أنا أو أكثر. حب روحاني مرتفع جدا. حب لا يحتاج حضور الآخر جسديا، حب لا ينتظر أن تمد الكلمات يدها لتساعده على الوقوف. حب سيجعله بنفس القدر بقلبي وإن تحول إلى حجر. أعلم أنني قد أخطئ، أعلم أنني سأخطئ، وأنا أبحث عن طول رقبته، عن لونه، عن الكلف الموضوع على خده بجمال، سأبحث عن سنه الأعوج، عن عينيه الغائرتين الحزينتين الشهيتين، عن ذوقه الفني.. أعلم أنني إن صادفت هذه الأمور سأتقدم نحوها كطفلة. أعلم أنني في لحظة إدراك سأنسحب وأندم قليلا وأمضي. أعلم أشياء كثيرة، لكن علمها لا يغير شيئا.
آآآآآه يا صديقي،
ما كل هذا النزيف؟ لم على الحياة أن تزدحم بالدوائر؟ لم أتى حبك بعد ليلة رأيته فيها مبتسما في وجهي؟ هذه أول مرة أحلم به بهذا القرب. كانت أنفاسه شهيقي. كل ما كان يفصنا، وشاحي الأبيض الشفاف، الذي ألصقته الريح على وجهه المبتسم لأول مرة. أحشر رأسي بين ركبتي وأتأوه، هذا الأزرق الذي أحببتَ، مرتبط بكدمة كلما لمستُها سرى شيء كالموسيقى بروحي. أتعتقد أنني لم أنتبه لقميصك الأزرق خلال موعدنا؟ أنا يا صديقي أنظر و أسمع بحساسية مفرطة، أنا هكذا دون أن أقصد. يا إلهي كم ذكرتني به، أعلم أنه مؤلم جدا أن تجد نفسك تحرث لشخص آخر. لقد ذكرتني بأول موعد لي مع الحب الأزرق قبل خمس سنوات، بالصدفة التي آتى فيها ببدلة زرقاء وأتيتُ بقميص وجينز وحلق باللون الأزرق. ذكرتني كيف تحدث عن حبه للأزرق وكيف ناسبني، أوجعتني الفكرة بكلها، جعلتني أفكر أن من أحبه قد يكون مرتبطا بأزرق امرأة أخرى، لم يستطع حبي لأنه يحب أخرى. قد يكونان الآن معا. لستُ أدري. لا أريد أن أتخيل.. كل هذه الأفكار أطوح بها بعيدا وأؤمن بما أريد وما يريحني. أتعلم ما الذي آلمني أكثر؟ حين قلت أنك ستنهج نهجي، ستحبني بعيدا عني، سيكفيك النظر إلى عيني من حين لآخر، ستكتفي بروحي ما دام القالب لن يتفاعل معك على الإطلاق. هذا موجع، لا أريد لك مكتوبا كالذي أعيش. قلبك المحب شاسع يا صديقي، يستطيع أن يسع كل الألوان. دعني وحدي أتأوه وأبكي وأتنهد.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *